الاثنين، 22 سبتمبر 2008

أمــــى6

أمـــى 6
عاشت عظيمة تملأ عينيها من الكتب والقراءة
لتحيل ما تقرؤه سلوكا عمليا وخلقا إجتماعيا يتلألأ بنور الإيمان والمعرفة
, أدركت أن عظمتها ليست فى شخصها فقط ,
بل فيما تبثه فى نفوس أبنائها من رحمة وقوة و نور هداية وكفاية روح
ليصيروا أعظم قدرا و أعلى مكانة .
كانت لها مجالسها الخاصة معنا تفتح ذاك العقل

و هذا القلب لتُسرى معانى المعرفة و تنشر روح السكينة و الطمأنينة على عقولنا و قلوبنا
فنأنس بالجلوس إليها و نحب البقاء معها
ونستمتع بالمكث فى رحاب أفكارها
فتخرج قراءاتها فى صورة عملية
فتصنع لنا نماذج بنائية من
أوراق الدفاتر القديمة
وأغطية المياه الغازية و بعض المشابك الخشبية
وبعض الخامات الأخرى التى تشتريها فى طريق عودتها من عملها
, لتأخذ تلك المكونات أشكالا متعددة

, منها الدور و منها القصور و منها الكراسى و الأسرّة
والمناضد و الأخونة و أمتعة أخرى متعددة .
وتحرص مع هذا علي أن نلعب مع أقراننا فى أمكان اللعب المعروفة فى الحى

أوفى تلك الحديقة التى كانت تنتصف المدينة آنذاك
, لكن رغبتنا إذا اشتدت فى البقاء مع الأصدقاء تذوب إذا وافقت رغبة استكمال البناء التى تجذبنا لنعود إلى أكنافنا
, فلم يمنعنا هذا عن ذاك و لا ذاك عن هذا .
كنا نتبارى فى صنع هذه النماذج لينال الفائز منا جائزته

فبدأت تظهر براعة كل فرد فى صناعة نوع من أنواع النماذج .
ظلت تدفعنا إلى التفكير العملى لنطبق ما نتعلمه بشكل واقعى ملموس

فمادتى الحساب و الهندسة لم تشكلا عقبة دراسية فى يوم من الأيام
فنحن الذين نحسب ما تم شراؤه من حاجيات المنزل ونقارن أسعار اليوم بأسعار الأمس

ونحسب نفقاتنا بالعملات المختلفة و نمارس الهندسة قبل أن نتعلمها فى المدرسة .
أما أكبر متعة لنا ذلك حين يشتد الهجير و يسكن كلٌ إلى بيته

و تجلس أمى إلينا لتلاعبنا لعبة " البلدان "
وهى لعبة تعتمد على حفظ أكبر قدر من أسماء المدن و البلدان
وتبدأ بذكر شخص لاسم دولة أو مدينة "حسب الاتفاق "
وعلى الشخص التالى أن يذكر اسما بادئا بحرف مطابق لآخر حرف من الاسم السابق
و المتعة هنا تكمن فى البحث والاستعداد للعبة لا فى ممارستها فقط .
فقد منحت كل فرد منا كتابا للبحث " أطلس "

وهو كتاب مصور بصور ملونة وخرائط مفصلة
و يضم معجما مفهرسا لأسماء البلدان


فصرنا نعكف على البحث عن أسماء المدن وأماكنها
ونتفنن فى البحث عن حرف غالق للعبة
و تدفعنا إلى الاحتكام إلى الكتاب إذا ما شك أحدنا فى إجابة الآخر .
رغّب هذا كله عقولنا فى البحث وحب العلم

حتى بدأ كل منا يحلم حلمه فحلمت أن أصبح عالما فى الهندسة الكهربائية
وما يتعلق بها من كيمياء
حتى إذا ما حصلت على درس " العمود البسيط "
عدت من المدرسة فرحا مسرورا لا أفكر إلا فى شىء واحد هو القطبين السالب و الموجب
فتفتقت العبقرية عن أول اختراع
وهو أن أحول المذياع الذى يعمل بالحجارة إلى مذياع كهربائى وفى البيت هذا وذاك !!
فعرضت الفكرة على أمى بعد أن شرحت لها درس اليوم

فنظرت إلىّ نظرة عميقة ثم سألتنى سؤالا لم أفهمه
لكن رغبتى فى الإسراع بالتجربة دفعتنى إلى الرد عليها بالإيجاب " نعم "
فطلبت منى أن أنتظر حتى تصنع شيئا

ثم اتجهت إلى لوحة التحكم الكهربائية
و قامت بتغيير سلك المنصهر إلى سلك ضعيف
ظانة أنه قد ينقذ الجهاز إذا ما حدث خطأ
, ثم أعلنت موافقتها لعرض عملىّ للفكرة ,
فجمعتُ البيت حول السفرة و أحضرتُ مفك الاختبار

و أريتُ الجميع القطب الموجب هو يضىء المفك
ثم قمت بتوصيل سلكا كهربائيا إلى موضع إشارة الموجب فى المذياع
وآخر إلى السالب والكل منتبه ثم وضعت القابس
فحدث الإنفجار!!
..وانطفأ نور المنزل كله فأسرعت أمــــى إلى المنصهر وأصلحته

ثم طلبت منى أن أتجه إلى الكهربائى لأسأله عما حدث من أخطاء
فذهبت إليه و أخبرنى أن هناك درسا يوضح شيئا اسمه المحول لم أدرسه بعد !!
فتذكرت سؤال أمى الذى لم أتريث فى الإجابة عليه :
" هل ركبت المحول فى الجهاز ؟!!"
لم نكن نجالس القوم فى سهراتهم فالجهد الذهنى فى تلك الألعاب

و الصناعات والأفكار و الاختراعات
و الجهد البدنى فى اللعب مع الأقران
كافيان لدفعنا إلى النوم مبكرا
فأرى الزائرين أشباحا داخلة
و أشباحا خارجة
رءوسا تجلس
ورءوسا تقوم
_________
ماذا كان حالها معنا فى رمضان ؟
ولماذا تحرص على صنع فطائر العيد ليلا؟!!
وما قصة ذلك الشبح المتردد على بعض طرقات الشارع ؟ وماذا كان دورها هى معه ؟

هناك 17 تعليقًا:

Empress appy يقول...

اكيد كانت ام عظيمه علشان تجيب على الاقل واحد زيك لسه على ذكراها باقى مش زي ناس كتير

أ / أحمد عبد المنعم يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم
أشكرك على تعليقك السريع
فما زلت أنسق فى المقالة حتى تبدو بشكل مناسب وأشكرك على تعليقك الجميل
وما تفعله أى أم يدفع الأبناء إلى تذكرها مدى الحياة
فأى تذكر لها لا يكفى لحظة حب تمنحها لهم
أو نظرة حنان تحيطهم بها

أختكم فى الله يقول...

ما شاء الله

والله يا ريت نتعلم وتبقى الامهات كدة بيهتموا بتثقيف اولادهم والمناقشو معاهم

اد ايه كانت عظيمة

جزاك الله خير

ربنا ينفع بيك الناس

ويكتر من امثالك البارين باهلهم

nona يقول...

ما اروع تلك الام لانها استطاعت ان تعلم ابنائها و تربيهم بهذا الاسلوب الجميل
رحمةه الله و اسكانها الفردوس الاعلى من الجنة
و بارك الله فيك و فى اخوتك
و ياليت تربى ابنائك على هذة الاخلاق و المبدا حتى يشبوا مثلك و مثل اخواتك

dido يقول...

السلام عليكم
ما شاءالله ولا قوه الا بالله
دي مش ام بس دي ملاك بشري بجد
وانت نعم الولد البار بها مش عارفه اوصف اعجابي بالكلام ده ولا حتي بالكاتب نفسه (احم احم حضرتك) بس مش هقول غير ما شاء الله ربنا يحميكم ويحفظكم اللهم امين
وبجد بجد منتظرين المزيد
تحياتي والي الامام باذن الله

Abdallah Hosni يقول...

استاذي العزيز/أحمد

لحد كدة تمام اوى

حضرتك فى الصفحة دى
http://boomp3.com/listen/17brvf8lt_p/ommee

هتلاقي حاجة كدة بالازرق اسمها
Post this player to your blogPosting player to your blog

اضغط عليها وهتلاقى كود فى مستطيل كدة
.....

أ / أحمد عبد المنعم يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة " أختكم فى الله "
هذا هو الهدف القيقى للمدونة
أن تحتذى الأمهات هذه السيرة
لتكون عونا لهن فى تربيتهن لأبنائهن
والله أسأل أن يعود ثوابها لأمى رحمها الله

الأخت " نونا "
أشكرك على تعليقك الجميل
وعلى نصيحتك الغالية
بالفعل أحاول أن تكون هذه الكلمات معينة فى تربية أبنائى
والله أسأل أن يشبوا على حسن الخلق والدين وسعة المعرفة

الأخت الفاضلة " ديدو "
الحقيقة أنها بشر أراها سمت ببشريتها
لتفوق و تفوق فى غالبية حياتها والسر فى ذلك أنها كانت دائما ترتقى بنفسها
وتراجع نفسها .
أما بالنسبة لإعجاب حضرتك بالأسلوب
فأشكرك عليه والله أسأل أن أكون عند حسن ظنك دائما

أخى الفاضل : " عبد الله حسنى "
أشكرك على نصائحك الناجحة جدا
وسوف ترى ثمارها فقد قمت بالتجربة وتم عرض الملف والاستماع إليه وسوف تعرض
مع المقال القادم إن شاء الله
وقد تكون فى ليلة القدر أو صبيحتها

شمس النهار يقول...

ابني احمد
انا عايزه اقولك ان انا بشاركك نفس حزنك انا كمان فقدت ابي منذ سبع سنوات وكانت الصدمه قويه والنار جامده قوي
بس حسيت ان موت بابا تحول الي مسؤليه علي كتفي
قلت الراجل ده انقطع عمله من الدنيا
بس المفروض ان ربنا جعلني انا اوصل عمله في الدنيا
فحولت طاقة الحزن اللي جوايه لآخدم هذه المسؤليه
فبحثت في كتب الفقه وسألت الشيوخ
من ماله اللي تركه عملت له صدقات
ادعوا له بعد كل صلاه والا انسي ابدا منذ وفاته اي ادعوا له 5مرات
اقراء القران واختمه واهبه له شهر لي وشهر له
بحثت عن من كان يحسن اليهم ووصلت هذا الاحسان
اصدقائه اكلمهم واسأل عليهم
وان مات احدهم اذهب واعزي فيه
وكل مااعمل حاجه الاقيني مبسوطه
حاسه انه مبسوط اني بعمل كده
يعني حولت طاقة الحزن الي رضا
احساس غالي قوي انك تكون السبب في حسنات لشخص غير موجود في الدنيا لكن موجود في قلبك
احرص ان تصلها وستجدها في قلبك دائما
واوعي الدنيا تنسيك مسؤليتك تجاها
ربنا يجعل فيك العوض

أ / أحمد عبد المنعم يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة : " شمس النهار "
أشكرك كثيرا على كلماتك الجميلة الرقيقة
ورحم الله والدك الكريم
ورحم جميع أموات المسلمين
كل ما ذكرته دار فى ذهنى وفى ذهن أخوتى
فقد تركت فى وصيتها
صدقة جارية وتم تنفيذها مباشرة والحمد لله
وتلك الكلمات ليست جزعا ولا فرقا عليها
بل صدقة علم لها أيضا
فهو علمها الذى يمكن الانتفاع به
فقد كانت خبيرة بادواء القلوب واحتياجات النفوس من التربية
وهذا هو هدف المدونة .
فإذا كان الشخص يكتب سيرته بنفسه
لتكون مثالا يحتذى
فهذا شكل جديد من أشكال السير
" سيرة أمــــى "
ليحتذى به الناس
فيكون علما ينتفع به
أما الدعاء فقد غرسته فى نفوس أبنائها جميعا
فلا يزال لسانهم رطبا به ولها نصيبها فيه
فجزاك الله خيرا على كلماتك الكريمة
دمت ودام خيرك ياأختى

أكون أو لا أكون يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
تدهشنا بكل بوست بموقف الأُم المثاليه... هذه المره شرحت لنا كيف هي الأم الحكيمه ... وكيف تعلم أطفالها إذا لم تبتدأ بنفسها... حيث أنهم يستمدون منها العطاء منذ بدأ خلقهم... من الحبل السري ولاينتهي العطاء أبداً إذا ماشاءت ذلك ...

الوصف خيــــــــــــــال... أجدت بارك الله بك...
بإنتظار البوست الجديد إن شاء الله...

كلام على بلاطة يقول...

كل عام وانت لخير

بنت الاسلام يقول...

انا مش مصدقة ان في امهات كانت بالصورة الجميلة قوي ديه بتشتغل وبتعلم اولادها بالشكل الممتاز ده

بجد لو كانت حقيقة دلنا عليها نتعلم منها دروس وعبر في كيفية تربية الابناء

تحياتي

rovy يقول...

كل عام وانت يخير ..
رحم الله امك الغالية يا احمد و اسكنها فسيح جناته ..
بلغنا الرحمن و اياكم ليلة القدر
و جعلنا من عتقاء هذا الشهر الكريم

اطيب امنياتى
تحياتى

بنت مصريه يقول...

مدونه اكثر من رائعه يا استاذ احمد
فقد تطرقت لشخصيه لم يفكر احد من المدونين التطرق اليها
وهى اعظم شخصيه فى حياه كل فرد مننا
ووللاسف غفلنا عنها
ونسينا او تناسينا حديث رسولنا الكريم عليه افضل الصلاه والسلام

احييك يا استاذ احمد
وانا سعيده جدا انى اتشرفت بمعرفه حضرتك فى هذا الفطار الجماعى الرائع
الذى قابلت فيه اصدقاء كنت اعرفهم دون ان اراهم وقابلت اصدقاء جدد محترمين جدا زى حضرتك
واسمحلى اكون زائره ثقيله لمدونتك
دمت بألف خيير

EMMY BABY يقول...

بجد ياريت والله كل الامهات بيهتموا كدة بتنمية التفكير الابداعى عند اولادهم

بجد ربنا يرحمها ويدخلها فسيح جناته وكفاية انها سابت ابن زيك

تحياتى

ايمى

walaa rizk يقول...

رائعه جدا تلك الكلمات وتكمن روعتها فى كونها حقيقه وليست من نسج الخيال

ومهما مضت السنين أظن ان لا أحد ينسى امه او ابيه

بوركت يا اخ احمد
وربنا يوفقك

قلب شاعره يقول...

والله اجمل شىء انك فكرت تعمل مدونه اسمها أمى لأنها فعلا تستحق اكثر من ذلك
مشكور على الكلام الجميل ...