الاثنين، 7 يوليو 2008

أمــــى3

أمـــــى 3
كانت زياراتها لصديقاتها قليلة نادرة , على غير عادات النساء فى مجتمعاتنا أو عادات جاراتها معها ,
و بقيت فى مجملها عيادة لمريضة , أو تلبية لدعوة , أو تخفيفا لآلامِ ثكلى ,
أو ليس هذا و لا ذاك بل اصطناعا لتقديم مساعدة . فهى صابرة مُؤْثِرة تؤثر صاحباتها على نفسها .
تنظر إلى نهاية كل أمر و هى ما تزال فى بدايته فتزن الأمور بميزانها السليم ,
و تقدر لكل شىء قدره ,
فإذا اصطحبت أحدنا فى زيارة , أعدت برنامجه إعدادا مسبقا , ما الذى سيراه ؟
وما الذى سيسمعه ؟
وما الفكرة التى ستوجه إليه ؟
وما القيمة التى سيرجع بها ؟


وبقيت التوجيهات المقدمة فى الطريق بعيدة كل البعد عن هذا المسمى " توجيهات " بعيدة كل البعد فى الشكل و الاحساس , قريبة كل القرب فى المضمون و السلوك ,
فتظل الحوارات خلال الطريق تلمس تلك الأهداف التى تعمل على تحقيقها ,
فتخبرنى قصة أو تذكرنى بموقف وتطلب رأيى ,
وتسرد الأسئلة بطريقة تشعرنى بقيمة الإجابة التى لايمكن أن تدور إلا فى فلك ما حرصت هى على بلوغه ,
فتبدو إجاباتى وكأنها أفكار نابعة من داخلى ,
والحقيقة أنها أفكار داخلة إلى نفسى , تترسخ فيها لتكوّن جزءا من الشخصية .
حتى إذا ما وصلنا إلى تلك الصديقة دار الحوار الأول معها حول هدف الزيارة ,
ثم سؤالها عن أبنائها لأصير مرافقا لهم ,
فإن غابوا اقتصر الحوار حول ما دار فى البداية ,
فإن فاتحت المَزورة أمى فى أمر آخر أعادت أمى دفة الحديث إلى ما كان عليه ,
ثم ينفرط عقد الحديث سريعا ثم ننصرف .
وتختلف زيارة جاراتها لها كل الاختلاف ,
تأتى إحداهن وقد علت وجهها عبسة , وتعود وقد علاه البشر والطلاقة ,
فإذا ما جاءت الزائرة استضافتها أمى فى حجرة الصالون
وهى تحمل طفلتها الرضيعة معها أو تاركة إياها مع أحدنا ليؤنسها ,
و تخرج بين الحين والحين لتعد شايا أو عصيرا أو لتفتح دولابها ,
فتخرج بعض أكياس الملابس وتعود بها إلي زائرتها ,
أو لتفتح الضلفة الوسطى فى نفس الدولاب وتدلف يدها فى جيب حقيبتها لتخرج بعض النقود وتعود بها إليها ,

أو تدخل إلى مطبخها وتحمل شيئا من خزينها فتمنحها إياه ,
وكنت أرقب هذه الأمور كلها فأسألها , فتخبرنى بأنها أشياء تخص زائرتها ,
إلا إذا تعلق الأمر بملابسنا القديمة فعندها الحوار يختلف و يختلف المشهد تماما .
فبدت أمى فى عطائها نبتة , ربيعها دائم , لا تحتفظ بغذاء تربتها لنفسها فتفسد ,
بل تحيله إلى أوراق و زهور و ثمار تُظل و تمتع وتشبع من حولها .
ظلت روحها الدينية غالبة عليها ,
تمنحها قوة تنزهها عن التعلق بالمادة الزائلة و تربطها بما هو باق ,
فارتفعت نفسها بطبيعتها ,
ليتساوى لديها التبر و التراب فى مدلولاتهما المادية .فلا ترى التبر تبرا إلا إذا أحيل إلى فكرة عطاء و بذل,
حينها يصير تبرا .
_________________________
فيم يختلف حوارها معنا عندما يتعلق الأمر بمصير ملابسنا القديمة ؟
و ما التغيير الذى يحدث فى المشهد ؟
و ما قصة الثلاجة الوحيدة ؟
و ما تلك الفواكه الخفية ؟
الإجابة فى المرة القادمة إن شاء الله

هناك 20 تعليقًا:

سيف الدين يقول...

امى امى يا من كنت لى الام والاخت والصديقة صديقتى التى ارتاح لها واختى التى ابوح لها بكل اسرارى..وامى التى تدللنى وتحنو على تلاعبنى مرة وتعلمنى مرة ..لقد باعد الموت بينى وبينك اشتقت لك كثيرا اشتقت لان اردد كلمة امى وان ابوح لك عما يدور بداخلى اشعر بوحدة رهيبة اه اه يا امى...كنت نعم الام الصالحة يا حبيبتى ..يا كل عمرى اللهم اغفر لها انها خافت مقامك وارحمها تحت الارض واسترها يوم العرض ولا تخزها يوم يبعثون..

رحـــــال يقول...

مواقف تحمل ى طياتها الكثير من المعاني ، ومشاهد تحمل فى حركاتها افعال الصحابيات الجليلات ..

أ:مل بارك الله فيك ..

جزيت الفردوس ..

eye يقول...

أشكرك يا أستاذ أحمد علي هذا الجزء من مدونة امي لما فيه من دروس مستفاده في التربية وعلم النفس وايضاً علي ما يعرضه من مواقف تنم عن رقة المشاعر و إيثار الأخرين

Sou يقول...

سيبتلك واجب
يالا متكسلش وحله

kmt يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اول مرة اقرأ لك
لفت نظري عنوان البلوج
وقرأته كله 1 و 2 و3 و لكني في اكل سطر انتظر العقدة ولكنها لا تأتي

وكأن الكاتب قصد فقط مدح امه ومحاولة
توفية قدر ضئيل من حقها

جزاك الله خيرا

تحياتي
الي اللقاء

أ / أحمد عبد المنعم يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم
الخ الفاضل رحال
أشكرك على مرورك واستشفافك لتلك للمعانى التربوية المراد عرضعا
________________
الأخت الفاضلة عين
أشكرك على مرورك وتعليقك الجميل
______________
الأخت الفاضلة لمسات القلب سأمر عليك إن شاء الله
_______________
الأخت الفاضلة كيمت
أشكرك جدا على مرورك وتعليقك فكم أسعدنى جدا أن تنظرى نظرة الناقدة ولكن أحب أن أوضح لك أن هناك فوارق جوهرية فى كتابة القصة أو الرواية أو السيرة أو المسرحية أو المقالة أو القصيدة النثرية .
ولم يبد من ملا مح ما أكتبه حتى الآن للقارئ إلا ملامح نفى لثلاثة أشياء فقط ( المسرحية والقصيدة النثرية والقصة القصيرة )
أما بقية الملامح لم تتضح بعد للقارىء
كما أخبرك شيئا هاما وهو أن الرواية ليس شرطا أن تشتمل على عقدة وكذلك السيرة والمقال فتكفى الفكرة والموضوع وحسن الصياغة فلا تتعجلى التصنيف وركزى فى تعلم اللغة والصياغة
وإن أردت استفسارا عن طبيعة وأسس الكتابة النثرية فيمكنك زيارة مدونتىالجديدة
http://gawdteltalem.blogspot.com
وسأقدم لك كل ما تحتاجينه من مشورة فى الكتابة النثرية أو الشعرية إن كنت تحبين كتابة الشعر

bota يقول...

السلام عليكم

صدقني كل الصفات الجميله اللي بتوصف بيها والدتك رحمها لها واضحه جدآ فيك

يارب ارزق كل الامهات باولاد زيك كده

ربنا يباركلك

rovy يقول...

ما شاء الله ..
رحمها الرحمن باوسع رحمه و مغفره ..
والله لقد احببناها فى الله تلك الام الفاضله و الانسانه الحنونه المعطاءه

كل التحيه والتقدير لروحها الطاهره ..

تحياتى

semsema يقول...

ما اعظمها من ام وما اعظمه من وفاء
كل كلمة بتكتبها حضرتك بحسها جدا وبحس اد ايه صدقك فيها
رحمها الله رحمة واسعة وجمعك بها في الفردوس
تحياتي

سكة سفر يقول...

و الله يا اخى الكريم انت بكلماتك هذه و بتلك الذكريات العطرة تؤنس انفاسنا و قلوبنا بعبير الايمان و الحب و الصفاء
بارك لك ربى و اسعدك ف الدنيا و الاخرة

أمـ الله ـة يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا ورزقك بر والدتك أسلوبك الجميل جعلني أقرأ المدونه كلها تقبل تحياتي

فليعد للدين مجده يقول...

لعلنا نتعلم ونعتبر من هذه المواقف الرائعة التي تنم عن وضوح هائل للرؤية عند الوالدة الكريمة مما أنتج هذه التصرفات المركزة العاقلة المؤثرة.

R-H-S يقول...

بجد والله كتاباتك جميله اوى
تحياتي يا شرقاوي

RaRa يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مدونتك جميلة اوى وافكارها جديدة
ومميزة بجد والله
وبوست جميل واتمنى اننا نشوف باقى القصة قريب ان شاء الله

دمت بكل خير

M.a.r.y.o.o.o.m يقول...

بجد إنت مدونتك أجمل مدونة شفتها في حياتي عشان بتتكلم عن أعظم شخصية في حياة كل رجل وإمرأة

Unknown يقول...

ماشاء الله
دائما الام رمز لكثير من المعانى الجميلة والسامية
الله يحفظ امهاتنا
بوست جميل بالتوفيق

asd يقول...

جزاكم الله خيرا وبارك الله فيك يا اخى الكريم

حسن حنفى يقول...

شكرا علي الموضوع الجميل الام من اغلي الاشياء في حياه معظم الناس
تقبلوا مروري

mohamed يقول...

وهل هناك جمال مثل جمال الام
وحنان مثل حنان الام
وعطاء مثل عطاء الام
أن كل الكلمات والمشاعر لاتعبر
عن جمال وحنان وعطاء
------- الام ------

hona_ana_3 يقول...

بحبك يا أمى
ولكنى قبل ما أقولك بحبك ..
حقولك مدين لك بألف اعتذار ..
حقولها لأنى تعبتك صحيح ..
لأنى ف حياتى مكنتش مريح ..
وصابره عليا وياما صبرتى ..
وشفتى وشايفه معايا المرار
: مسمحانى عرفك..
ولكن سبينى أقول اعتذارى بكل المعانى
لأنى بذنبى تجاهك بعانى ..
لإمتى تضحى وأفضل أنانى !!
دا ذنبى مبينى وبينك جدار
ودايما مساويه مبينى واخويا ..
ولا حد منا من التانى غار
ويوم عيد ملادك .. تجيبى هديه ..
تجيبيها إنتى .. وتديها ليه ..
وكنت اما أزعل .. تنسينى همى ..
وبعد اما انام .. تنامى يا أمى ..
وكنت اما أتعب .. تخليكى قربى ..
بطول الليالى وطول النهار.
وكنت اما اسافر ف فسحه واغيب
حنينها يشعلل فى قلبها لهيب ..
وقلقانه دايما وعايشه ف نار.
ويوم امتحانى .. كأنه امتحانها ..
بتسهر معايا .. وتصحى معايا ..
ولما أصلى .. تجيب الفطار.
وعارفين ف ماما بيعجبنى إيه ?
بيعجبنى فيها بساطة حياتها ..
بساطة كلامها ..
بيعجبنى فيها حضارة "خديجه" ..
و"مريم" و"هاجر" ..
طهارة مقامها ..
بتعجبنى فيها زهور الوقار.
بيعجبنى كونها مطاوعه لأبويا
وكونها تساعده ف صنع القرار.
أنا باختصار ..
بحبك يا أمى.
شكرا لكل من يقرء هذه القصيده المتواضعه التى هى من كتابتى انا و اخى
و اريد ان اشكر استاذى اخمد عبدالمنعم على كتاباته الرائعه وجزاكم الله خير
اخوكم فى الله اخمد عبدالله