الأربعاء، 8 سبتمبر 2010

أمــــى 11

أمــــى 11

شغلت نفسها شغلا عظيما فى تكوين شخصية أبنائها وفى تحريضهم على تحمل المسئولية وحملها ,

كرهت الدعة والراحة ,علمت أن التربية الحقة فى غرس العقيدة الدافعة إلى تنظيم الحياة معتمدة على الفضيلة مبتعدة عن التحلل والفوضى .
صاغت كل هذه المعانى سلوكا محركا لحياتنا برز كمال قيادتها للبيت فى توزيع المهام علينا فلم يعرف الحجر إلينا سبيلا,
تتجرأ فى تكليفنا ,
تعلم أن الخطأ والصواب جائزان فى تصرفاتنا ؛
فيحنو التجاوز عنا إن أخطأنا الاجتهاد فى تنفيذ مهامنا المنوطة بنا فى إدراة حياتنا فتتأول لنا ,
لكنها لم تسلمنا إلى الكسل والدعة أو الغفلة .
تتوالى التكليفات الحياتية علينا برفق ورقة فنبرز شجاعتنا فى تأديتها وقدرتنا على تنفيذها ,
فلما حان وقت بناء بيت جديد حمل كل منا عبء مهمته فتدفعنى على حداثة سنى لأذهب إلى صاحب مستودع الحديد و أشترى ما نشاء مما يحتاجه البناء وأعود بأطنان الحديد محملة على عربة خشبية يجرها فرس اخترتها بعناية من بين العربات لتقدر على حمل ما أريد وقد اتفقت مع صاحبها على أجر حمله
وأتجه إلى حدود المدينة لأتخير سيارات الرمل والحصى و أعود بما نحتاجه منها متفقا على سعرها قبل تحركها وأزور الجهة الأخرى من المدينة لأنتقى نوع الطوب المراد و أعود به ,
فيعجب الباعة لأمرى ,
بل إن بعضهم يشك فى حاجتى إلى ما طلبت شراءه ولا يعود معى إلا بعد طمأنته بأنى جاد فعلا ؛فسنى لم تتجاوز الثانية عشرة بعد و ملامحى لا يبدو عليها الشقاء بل يبدو النعيم جليا على الهيئة والملبس مما يزيد حيرة البائعين حتى عرفنى معظمهم فصاروا يتسابقون نحوى حين أبدو أمامهم عارضين على ما لديهم من بضاعة .
تنوعت المهام مع الأيام ولم تقتصر على مهمة معينة أو عمل محدد بل تجاوبت مع الحياة بكل ما فيها من أمور متنوعة متباينة نعود إلى كنف الحنان ليلا لنستمتع بكلمات الاستحسان التى تنساب كالنهر الدافق يروى ظمأ القلب فتمسح آلام الجسد البدنية بروائع الكلمات واللمسات الساحرة فنتمنى قدوم الغد سريعا لننجز أعمالا أخرى .
لم تشغلنا تلك الأعمال عن هواياتنا وممارستها و لكن الذهن بدأ يتحول و الميول تتبدل و الرغبة فى اقتحام المجهول تبرز ,

فبدأت أعيننا ترنو إلى ذلك البناء الضخم فى نهاية الشارع ( قصر الثقافة )
نتمنى رؤية مكتبته حتى دخلناها أول مرة اتسمت تلك المكتبة بالهدوء الكبير والتنظيم الدقيق فسهل على المرء تناول ما يريد من كتب ،
يعرف أمينها من عينى الطالب ما يريد دون أن يطلب ،يرشد الجميع , بل لعله يفسر بعض الموضوعات أو أسماء الكتب فيسهل على المرء البحث دون أن يبذل جهداً فى كتاب خال مما يريد من معلومات .
من ذلك الطفل الشيخ ؟ الذى يضع الفوطة بدلا من العمامة ؟
ومن ذلك الشخص التى دفعتنا إلى مجالسته رغم كبر سنه عنا و مصاحبته إلى صلاة العيد ؟