الأحد، 29 يونيو 2008

أمــــى2


أمــــى2

عيناها تمتلآن بأفكار وخطط تبدو ملامحها فى تتابع نظراتها وتلهفها على إرضاء نفوس أطفالها وانتظارا لارتوائهم وشبعهم لتحمل حقائبهم جملة واحدة ثم تطلب من كل فرد أن يحمل حقيبته .
تنظر إلى كل فرد من أبنائها الثلاثة بوجهها وقلبها وبجسمها كله , حتى يأخذ حقيبته من يدها فتلتفت إلى الآخر, ثم الثالث حتى يحملوا جميعا حقائبهم ,
فتنظرهم نظرة حانية تمتلئ ابتساما وحبورا, وتبدأ فى وضع الطعام فى الحقائب ,




لكن نفوس الأبناء تتعلق بنظرات سائلةٍ عن نوع الطعام , فتدرك الأم ما تسأل عنه عيون أبنائها , فتخبر بأنه الطعام اليومى ,
و يبقى التبرم المتصل من نوعية الطعام الذى نصطحبه إلى المدرسة فيتذمر أحدنا ,
إن لم يكن أخى الأكبر أعلن أنا تذمرى ,
وإن كف كلانا عنه , يظل أخونا الصغير ضاغطا على أسنانه وقد أطال شفته السفلى عن العليا قليلا ,
و يبقى كلامها الهادىء الذى لا يداخله الملل ولا يعتريه اليأس ولا يميل ولا يتحول و لم تكل من ترديده معنا
" يجب أن يكون طعامكم مماثلا لطعام زملائكم و من يرد أن يأكل أى نوع آخر فليأكله قبل خروجه إلى المدرسة , فالسفرة ممتلئة "
ثم تطلب منا ترديد الدعاء
" توكلت على الله "
و تدعونا إلى أخذ الحيطة من الطريق وعدم تغييره أثناء المسير ,
فننصرف رضى من رضى أو استرضى من استرضى .
ثم تعود إلى مطبخها لتستكمل ما بدأته من تجهيزات الغذاء فتسكت الأوانى وتضع لمسات السحرالإيمانى فى طعامها لنذوق طعم الحب والرحمة ممتزجة بلذة الطعام .
ثم تتجه نحو أوراقها وحقيبتها اللتان قد أعدتهما فى ليلتها الفائتة ,
لتحملهما متجهة هى وصاحباتها إلى المدرسة التى تعملن بها خارج المدينة سائرة على قدميها مع قدرتهاعلى دفع أجرة العربة التى تقلها ,
فكانت الدهشة تعترينا ,
فلما مر بنا الزمن كنت أتحين الفرصة بعد الأخرى فى حواراتى معها لتفسر لى بعض الأمور وكان منها هذا التصرف ,
فإذا بتلك النفس الكريمة الراضية التى تعرف معنى السعادة الحقيقية ,
والتى تدرك أن السعادة فى نفس الإنسان ليست فى الفضة والذهب ولا فى القصور والبساتين ,
فإذا بها تهمس فى أذنى بسر من أسرار الرضا قائلة :
" لم تكن صاحباتى تقدرن على ثمن أجرة العربة "
فيخفق قلبى لهذه المعانى الربانية ,
وتقشعرّ جوارحى ,
وتبقى عيناى عالقتين إلى وجهها لتستمدا منه نور الذوق والفضيلة الإيمانية ,
فاحترام شعور الناس جزء من شخصيتها .
وكنا ندرك ذلك حين نصاحبها فى زيارة إحداهن .
...................................................
كيف كانت زيارتها لصديقاتها تتم ؟
ولماذا كانت جاراتها يأتين إليها وقد علت وجوههن عبسة ويعدن وقد علتها طلاقة وبشر ؟
ولماذا لم تكن تجلسنا معهن فى حواراتها ؟
الإجابة فى المرة القادمة إن شاء الله

الثلاثاء، 24 يونيو 2008

أمــــى

بسم الله الرحمن الرحيم
أمــــى

عندما يدنو الفجر بنسماته العليلة التى تداعب الوجه وتحنو برقة وعذوبة وترتسم صورة الصوت الحانى على الكون و تشعرالنفس بالأنس والسرور والغبطة والبهجة , عند تلك اللحظة تبدو صورة أمى بنضارة شبابها وحيويتها ونظرتها التى تملأ الكون تحديا ورغبة فى الصدق مع الخالق , تتحرك بخفة ورفق تفتح باب الغرفة علينا لتلفنا بنظرات حانية تحرسنا , تخرج من البيت وقد تركت تلك النظرات وهذه الروح لتؤنسنا فى أخريات نومنا حتى ترجع وما نظن أنها خرجت لرفقها مع كل شىء كى تظل روحنا هادئة مطمئنة حتى تعود من السوق وقد ابتاعت ما شاء الله لها أن ترنو به إلينا من إفطار و وممتطلبات الغذاء
نستيقظ على كلمات الحب والوداعة والسرور " النهار ده جميل جدا " " الله على الشمس النهارده " هل شاهدتم حبات المطر الجميلة ؟ " بابا أرسل خطابات بالأمس من يريد قراءتها ؟ "
ترفرف قلوبنا رغبة فى الطير فى أكناف ما تدعونا إليه وتتحرك أفئدتنا طلبا للحصول على ذلك المشهد أو تلك الصورة اومعرفة هذا الحدث أو قراءة هذا الخطاب أو ......تنداح الرغبة فى استكمال النوم , ونحدر الأغطية عن أجسادنا حتى لنحب اليقظة والإفاقة ونفرح بهما .
أول ما تلمس أقدامنا سجادة الصلاة وقد أفردت فى الصالة على باب الحجرة لتقع أعيننا أول ما تتفتح عليها فتتطلع نفوسنا إلى الصلاة عليها حتى نحصل على إفطارنا المعد على السفرة فنجتمع عليه أو ننتظر لننقله إلى الخوان الأرضى " الطبلية " فنجتمع لتناوله .
عيناها تمتلآن بأفكار وخطط تبدو ملامحها فى تتابع نظراتها وتلهفها على إرضاء نفوس أطفالها وانتظارا لارتوائهم وشبعهم لتحمل حقائبهم جملة واحدة ثم تطلب من كل فرد أن يحمل حقيبته
لكن لماذا تحمل هى تلك الحقائب مادامت ستعطى كل واحد حقيبته ......وما هذه الحقيبة التى على النضد ؟ وما الأوراق التى عليها ؟ وما تلك الأصوات الخفيفة الآتية من المطبخ ..؟
نستكمل فى المرة القادمة .